في زمن السرعة.. لماذا نشعر أننا لا نعيش؟

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter










 

كتب محسن محمد 

في عالمٍ تتسارع فيه الدقائق كما لو كانت ثوانٍ، وتتبدل فيه الأحلام كما تتبدل الأخبار في شريط العاجل، أصبحنا نركض، نركض كثيرًا، دون أن نعلم حقًا إلى أين.


نستيقظ على صوت منبّه لا نريده، نرتدي وجوهًا ليست لنا، نذهب إلى أعمالٍ لا نحبّها، ونضحك في وجوهٍ لا نثق بها. ثم نعود إلى منازل صارت أقرب إلى محطات استراحة، لا بيوتًا تنبض بالسكينة. نتصفح هواتفنا أكثر مما نتصفح وجوه أحبّتنا. نطالع أخبار الحروب والانهيارات والعنف، ونعبرها كما نعبر إشارة ضوئية، بلا إحساس.


فأين ذهبت إنسانيتنا؟


لماذا أصبح التعبير عن المشاعر ضعفًا؟ والتمسك بالقيم سذاجة؟ لماذا تحوّل الإنسان إلى آلة يُنتظر منها الإنتاج فقط؟ حتى الحب، لم يسلم من منطق السوق، فصار عرضًا وطلبًا، وصار العمر يُقاس بما أنجزنا، لا بما شعرنا.


جيل كامل يسير على عجل، لا يعرف إلى أين. أطفالنا يكبرون على مقاطع قصيرة، لا يعرفون طعم الانتظار، ولا لذة التفاصيل. العلاقات أصبحت "سريعة التحضير"، والقلوب صارت هشّة، تُكسر بأول صدمة، ثم نُلام لأننا "حساسون أكثر من اللازم".


لكن، من المسؤول؟

هل هي التكنولوجيا؟ أم ضغوط المجتمع؟ أم نحن، حين قبلنا أن نعيش بنصف قلب، ونصف عقل، ونصف حياة؟


ربما آن الأوان لوقفة صدق. أن نعيد التفكير. أن نتعلم من جديد كيف نعيش. لا كيف ننجز، ولا كيف نُبهر، ولا كيف نُجاري الآخرين، بل كيف نُحبّ، كيف نشعر، كيف نتنفس، كيف نكون بشرًا بكل ما في الكلمة من معنى.


في زحمة هذا العالم، أكثر ما نحتاجه هو لحظة بطء... لحظة إنسانية... لحظة نعيد فيها تعريف معنى الحياة.

اضف تعليق

أحدث أقدم