جيل بلا ذاكرة: سرقنا طفولة أبنائنا في عصر السرعة

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter









 

كتب محسن محمد 


في زحمة الرسائل الفورية، وتحت سطوة الشاشات الزرقاء، ينشأ جيل كامل لا يعرف كيف يبدو الضجر، ولا يتذوق طعم الانتظار، ولا يحتفظ بذكرى تُروى. جيل يعيش اللحظة، لكنه لا يملك ماضياً يحكيه، ولا مستقبلاً يحلم به.


في الماضي القريب، كانت الطفولة مملوءة بالحكايات، والمغامرات الصغيرة، والأحاديث الطويلة على الأرصفة. أما اليوم، فطفل الثالثة يفضّل "يوتيوب" على حضن أمه، وطفل الخامسة يحفظ أسماء المؤثرين أكثر من أسماء أقاربه.


هل نحن الجناة؟

أم أننا ضحايا هذا الزمن السريع الذي لم نعد نملك حتى رفاهية أن نتوقف ونفكر؟


الآباء مشغولون، والأمهات مرهقات، والمدارس تحولت إلى سباق محموم نحو الدرجات، لا نحو بناء الإنسان. التربية لم تعد رحلة طويلة من الحب والصبر، بل صارت عملية إدارية تختصر في تعليمات صوتية، وعقوبات سريعة، و"تابلت" يُسكت الطفل عندما يُزعج.


جيلنا تربّى على الانتظار. كنا ننتظر الساعة الرابعة لمشاهدة الرسوم المتحركة، وننتظر العيد لنلبس الجديد، وننتظر الصيف لنزور الجدّة. أما اليوم، فكل شيء متاح، بضغطة زر. لكن، هل هذا حقًا إنجاز؟ أم أننا فقدنا أجمل ما في الحياة: الترقب، والشوق، وصناعة الذكريات؟


أيها الآباء، أيها المربون،

أعيدوا لأبنائكم لحظات الطفولة الحقيقية. دعوهم يملّون، دعوهم يتأملون، دعوهم يتعثرون ويتعلمون. لا تسلبوهم ذكرياتهم قبل أن تصنع. فالمستقبل، مهما كان مشرقًا، لا يُبنى إلا على ذاكرة دافئة.

اضف تعليق

أحدث أقدم