كتب. عمرو بسيوني،
في ظل التطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية، أثار قرار إسرائيل بالبقاء في خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية وتحويلها إلى مناطق عازلة لحماية المستوطنات الإسرائيلية، تساؤلات كبيرة حول نوايا تل أبيب وما إذا كانت هذه الخطوة تمهد لاحتلال جديد أم أنها مجرد استفزاز للوضع الهش أصلاً في المنطقة.
القرار الإسرائيلي الأخير بالبقاء في خمس نقاط داخل لبنان يعد خرقاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، ودعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان بشكل كامل.
إسرائيل تبرر هذا القرار بأنه ضروري لحماية مستوطناتها من أي هجمات محتملة من جهة لبنان، خاصة في ظل التوترات المتزايدة مع حزب الله. ولكن هذا التبرير يبدو غير مقنع للكثيرين، خاصة أن لبنان يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية داخلية، ولا يبدو أن هناك تهديداً مباشراً من الجانب اللبناني في الوقت الحالي.
القرار الإسرائيلي يضع لبنان في موقف صعب. فمن ناحية، أعلن الجيش اللبناني جاهزيته للانتشار في القرى التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، مما يعكس رغبة الدولة اللبنانية في تأكيد سيادتها على أراضيها. ومن ناحية أخرى، فإن وجود قوات إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية يعد انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية، ويمثل تهديداً مباشراً للاستقرار في المنطقة.
لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، يجد نفسه مضطراً لمواجهة هذا التحدي الجديد. وقد أعلنت الدولة اللبنانية عزمها الذهاب إلى مجلس الأمن لتقديم شكوى ضد إسرائيل، معتبرة أن وجود القوات الإسرائيلية في لبنان هو احتلال واضح يتعارض مع القانون الدولي.
إسرائيل، بفضل الدعم الأمريكي غير المحدود، تستمر في خرق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن دون أي عقوبات تذكر. الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن يحمي إسرائيل من أي إجراءات دولية قد تُتخذ ضدها، مما يجعل من الصعب على المجتمع الدولي فرض أي ضغوط حقيقية على تل أبيب. هذا الوضع يخلق حالة من العبثية في النظام الدولي، حيث تُنتهك القوانين الدولية بشكل صارخ دون محاسبة.
في النهاية، يبدو أن القرار الإسرائيلي بالبقاء في لبنان هو استفزاز واضح للاستقرار الإقليمي، ويمثل خطوة نحو تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. لبنان، الذي يعاني من أزمات داخلية، يحتاج إلى دعم دولي لمواجهة هذا التحدي. الذهاب إلى مجلس الأمن هو خطوة ضرورية، ولكنها لن تكون كافية دون ضغوط دولية حقيقية على إسرائيل لاحترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
في ظل الفيتو الأمريكي، يبقى السؤال: هل يمكن للدول العربية والإسلامية، بالتعاون مع المجتمع الدولي، أن تفرض تغييراً في السياسة الإسرائيلية؟ أم أن الوضع سيبقى كما هو، مع استمرار الخروقات الإسرائيلية وغياب المحاسبة الدولية؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات، ولكن ما هو مؤكد أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التوتر وعدم الاستقرار.
المحتل لا وعد له
ردحذفإرسال تعليق