الدول المتمردة و صراع القوى وصناعة التاريخ

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter




كتب حازم على أدهم 

بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات، شهد العالم ولادة ما سُمي بـ"النظام العالمي الجديد"، حيث تربعت الولايات المتحدة على عرش القوى العظمى دون منافس. من تلك اللحظة، بدأت واشنطن في فرض رؤيتها السياسية والاقتصادية على العالم، إلا أن هذه الهيمنة لم تمر دون معارضة. دول مثل العراق، روسيا، والصين رفضت الانصياع الكامل لهذا النظام، وشكلت محوراً للتمرد في وجه القوة الأمريكية.


العراق وصدام حسين: شرارة التحدي


كان العراق بقيادة صدام حسين أول الدول التي تحدت هذا النظام الجديد. ففي عام 1990، أقدم العراق على غزو الكويت، متحدياً إرادة الولايات المتحدة وحلفائها. هذا الحدث قاد إلى حرب الخليج الأولى، التي عززت من نفوذ أمريكا في الشرق الأوسط لكنها أيضاً كشفت عن بروز تيارات مناهضة للهيمنة الغربية.


روسيا والصين: صعود قوى جديدة


مع بداية الألفية، ظهرت قوى جديدة تنافس الولايات المتحدة على المسرح الدولي. روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، استعادت قوتها العسكرية والسياسية، وكان غزو أوكرانيا عام 2022 أبرز تجليات هذا التحدي، حيث وضعت أمريكا وحلف الناتو في موقف صعب أمام دولة تمتلك ترسانة نووية ضخمة.


أما الصين، فقد اعتمدت على استراتيجيات اقتصادية توسعية جعلتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. مشاريعها الكبرى مثل "مبادرة الحزام والطريق" عمّقت نفوذها في آسيا وإفريقيا وأوروبا، مما جعلها خصماً قوياً لأمريكا في ساحة الاقتصاد والسياسة الدولية.


أفغانستان: نهاية حقبة أمريكية


أحد أبرز مظاهر تراجع الهيمنة الأمريكية كان انسحابها من أفغانستان عام 2021 بعد حرب استمرت 20 عاماً. هذا الانسحاب، الذي بدا وكأنه هزيمة استراتيجية، أظهر أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تحمل كلفة الحروب الطويلة دون نتائج ملموسة.


العالم العربي: الثورات والتحديات


في هذه الأثناء، شهد العالم العربي موجة من الثورات في ما يُعرف بالربيع العربي. هذه الانتفاضات كانت تعبيراً عن غضب الشعوب من أنظمة حكم استبدادية استمرت لعقود، لكنها أيضاً أضافت بُعداً جديداً للصراعات الدولية، حيث سعت القوى الكبرى لاستغلال الفوضى لتحقيق مصالحها.


النظام الدولي على مفترق طرق


اليوم، يقف العالم أمام مرحلة غير مسبوقة من التوترات. فالصراعات لم تعد تقتصر على المواجهات العسكرية، بل امتدت إلى ميادين الاقتصاد، التكنولوجيا، والصحة العالمية، كما شهدنا خلال أزمة كورونا.


الصراع بين أمريكا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، يعيد تشكيل النظام الدولي بشكل قد ينهي أحادية القطب لصالح عالم متعدد الأقطاب. لكن يبقى السؤال: هل سيؤدي هذا الصراع إلى استقرار عالمي جديد أم إلى مزيد من الفوضى؟


خاتمة


الدول المتمردة على النظام العالمي ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل جزء من حركة تاريخية تعكس تغير موازين القوى في العالم. ومع استمرار هذه التحديات، يبدو أن النظام العالمي الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة قد وصل إلى مفترق طرق حاسم، ينتظر فيه التاريخ أن تُكتب فصوله القادمة.

اضف تعليق

أحدث أقدم