كتب: احمد عيسي الزوامكي
في العقد الماضي، لم تكن مصر مجرد دولة تمر بمرحلة تغيير داخلي، بل كانت في قلب لعبة كبرى استهدفتها مخططات الغرب. على مدار سنوات طويلة، كان الغرب يدرك أن مصر ليست مجرد دولة، بل هي حجر الزاوية في استقرار المنطقة العربية والشرق الأوسط. وكان الهدف دائماً إما السيطرة على مصر أو إضعافها، لأن قوة مصر تعني استقرار المنطقة، وضعفها يعني فوضى تهدد الجميع.
مع انطلاق ثورة 25 يناير 2011، وقف الغرب موقف المترقب، ينتظر تطورات المشهد المصري. أظهروا دعمهم لمطالب الشعب بالحرية والديمقراطية، لكن خلف الكواليس كانوا يخططون لاستغلال الفوضى. سقوط مبارك، الحليف طويل الأمد، كان فرصة لهم لإعادة صياغة النفوذ في مصر، لكن ليس بهدف دعم الشعب، بل لتحقيق مصالحهم الخاصة.
الإخوان المسلمون ظهروا على الساحة كبديل جاهز للتعاون مع الغرب. بجماعتهم المنظمة وشبكاتهم الممتدة في المنطقة، كانوا أداة يمكن استخدامها. حين وصلوا للحكم، تلقوا دعماً كبيراً من الغرب سياسيًا واقتصاديًا، لأن الإخوان أظهروا استعدادهم لتقديم تنازلات تخدم مصالح الغرب، حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة مصر.
الغرب لم يكن يهدف فقط لدعم الإخوان، بل كان يسعى لتقسيم الدول العربية الكبرى إلى دويلات صغيرة ضعيفة. وما حدث في العراق وسوريا كان نموذجاً لهذا المخطط. مصر كانت هدفاً مهماً، لأن تقسيمها يعني إنهاء أي مقاومة مستقبلية للهيمنة الغربية. الفوضى التي عمت البلاد بعد 2011 كانت جزءاً من هذا المخطط: إشعال الصراعات الداخلية، دعم قوى معينة لإضعاف الدولة، ونشر العنف بشكل ممنهج.
حين خرج الشعب في 30 يونيو 2013 ضد حكم الإخوان، كان ذلك بمثابة صفعة للغرب. فقد خسروا أداة مهمة كانوا يعتمدون عليها لتنفيذ أجنداتهم. الإعلام الغربي وصف ما حدث بأنه "انقلاب عسكري" وليس "ثورة شعبية"، في محاولة لتشويه إرادة المصريين. لكن السيسي، الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك، قرر أن ينحاز لإرادة الشعب. في 3 يوليو 2013، أعلن السيسي وقوف الجيش مع الشعب، مدركاً أن الحفاظ على الدولة المصرية أهم من أي حسابات أخرى.
بعد الإطاحة بالإخوان، بدأ الغرب يضغط على مصر بكل الطرق الممكنة. فرض عقوبات سياسية، أوقف المساعدات، وأطلق حملات إعلامية ضخمة للتشكيك في استقرار مصر وشرعية قيادتها. لكن السيسي، بفهمه العميق للعبة السياسية، واجه هذا الضغط بقوة. أعاد بناء الجيش، وحرص على تنويع مصادر التسليح، من خلال علاقات قوية مع دول مثل روسيا والصين، ليقلل من اعتماد مصر على الغرب.
السيسي أدرك أن الاقتصاد هو المفتاح لمواجهة مخططات الغرب. بدأ في تنفيذ مشروعات قومية عملاقة مثل قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية، لتأمين مستقبل اقتصادي مستدام. كما أطلق مبادرات لتحسين حياة المواطن المصري، مثل "حياة كريمة"، بهدف تقوية الجبهة الداخلية.
رغم كل المحاولات المستمرة للضغط على مصر، سواء من خلال الحديث عن قضايا حقوق الإنسان أو التأثير على الاقتصاد، أصبحت مصر اليوم أقوى من أن تقع فريسة لهذه الضغوط. السيسي أعاد لمصر دورها الإقليمي، سواء من خلال دعم القضية الفلسطينية أو محاربة الإرهاب الذي كان يهدد استقرار المنطقة.
مخططات الغرب كانت تهدف دائماً إلى تفكيك مصر وإضعافها، لكن الشعب المصري، بقيادته الواعية، أفشل هذه الخطط. اليوم، يدرك المصريون أن استقرار بلدهم ليس مجرد خيار، بل ضرورة وجودية. والجيش، تحت قيادة السيسي، ظل وسيظل الحصن المنيع الذي يحمي مصر من أي محاولات لزعزعة استقرارها.
الفوضى التي عاشتها مصر في 2011 لن تتكرر، لأن الشعب تعلم من دروس الماضي وأصبح أكثر وعياً. ولن يسمح لأي جهة باستغلال الأزمات أو ضرب الثقة في قيادته وجيشه.
إرسال تعليق