كتب حازم على أدهم
بينما ينعم البعض بدفء منازلهم، هناك رجل يتجمد في العراء، ليس لأنه لم يُقدّر مسؤولياته، بل لأن الخيانة جاءت من أقرب الناس إليه. أبٌ أفنى عمره في خدمة أسرته، ليجد نفسه مشردًا على الأرصفة، بلا مأوى أو سند مالي، بعد أن ألقته زوجته وأبناؤه خارج بيته، وزوروا موته على الورق ليستولوا على معاشه. إنها قصة تُدمع القلوب وتكشف كيف أُزهق العدل في نفوس البشر.
ا
كان الرجل نموذجًا للأب المُضحي، عمل دون كلل ليبني حياة كريمة لأسرته الكبيرة. لم يتوانَ يومًا عن تلبية احتياجاتهم، بل كان يضع سعادة أبنائه وزوجته فوق كل شيء. لم يطلب شيئًا في المقابل سوى الاحترام والمحبة.
لكن عجلة الزمن دارت، وحين ضعف الجسد واشتعل الرأس شيبًا، انقلبت الموازين. بدأ الأبناء، الذين كان يعتبرهم زهرات عمره، ينظرون إليه وكأنه عبء ثقيل. تبعهم في ذلك شريكة حياته التي نسيَت كل سنوات العطاء، وقررت أنه لم يعد له مكان بينهم.
في يومٍ لا ينساه، طُرد الرجل من منزله. لم يتركوا له سوى ملابسه المتواضعة وبعض الذكريات التي تنزف وجعًا. وجد نفسه على الأرصفة بلا مأوى، بلا مال، وبلا مكان يلجأ إليه.
لكن الجريمة الكبرى لم تكن الطرد. استغل الأبناء أوراقه الرسمية لتزوير شهادة وفاته، في جريمة مزدوجة أزهقت العدل والرحمة معًا. حصلوا على معاشه الذي كان من المفترض أن يضمن له حياة كريمة، بينما تُرك هو يواجه التشرد والجوع.
منذ تلك اللحظة، بدأ الرجل رحلة شاقة لاسترداد حقه. تجول بين المؤسسات، حمل شهادات تُثبت أنه حي، لكنه قوبل بالرفض والتجاهل. القانون، الذي يعتمد على الأوراق، اعتبره "ميتًا"، ولم يُنصفه رغم صرخاته المتكررة.
الحياة على الأرصفة ليست وردية
اليوم، يعيش هذا الأب حياة بائسة. يختبئ تحت الجسور من البرد، يبحث عن لقمة تسد رمقه، ويكافح لإيجاد مكان يبيت فيه ليالي الشتاء القاسية. كل ما تبقى له هو ذكريات مؤلمة عن بيتٍ كان يومًا ملاذه، وأبناء كانوا سبب سعادته.
نداء إلى الإنسانية اين انتي
إن قصة هذا الرجل ليست مجرد مأساة فردية، بل انعكاس لانهيار القيم الإنسانية. كيف يمكن لعائلة أن تُلقي بربها في الشارع؟ وكيف يمكن لمجتمع أن يتجاهل صرخات مظلوم اغتالت الخيانة حقه؟
هذه القصة ليست فقط عن رجل مات على الورق، لكنها عن عالم فقد توازنه بين العدل والطمع. إنها دعوة للتأمل في معنى الإنسانية، وضرورة استعادة الرحمة التي أزهقتها الخيانة.
إلى كل إنسان يحمل ذرة من الضمير، وإلى كل مسؤول يمتلك سلطة: أعيدوا لهذا الرجل حقه، ليس فقط في معاشه، ولكن في كرامته وإنسانيته. لا تتركوا قصة كهذه تمر بلا مساءلة، فقد تكون جرس إنذار لنا جميعًا لاستعادة العدل في قلوب البشر.
إرسال تعليق