كتب: احمد عيسي الزوامكي
ليلة أخرى من الألم والصمت الذي يُسمع في سماء غزة، مع غارات لم تفرق بين منزل ومستشفى، وأحلام صغيرة تختبئ تحت الأنقاض. فجر اليوم، استيقظ الفلسطينيون على أصوات انفجارات تهز أركان مدينتي غزة ونابلس، وسط دمار يزداد يوماً بعد يوم.
البداية كانت من نابلس، حيث اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينة عبر حاجز المربعة، في تصعيدٍ جديد يُنذر بالمزيد من التوتر والمواجهات. ومن هناك إلى غزة، التي عاشت ليلة دامية، سمع فيها صوت القذائف وهي تتساقط كالمطر، واستهدفت مناطق متفرقة في القطاع، وترك القصف وراءه جراحاً تتجدد مع كل طلعة.
حي التفاح شرقي غزة، كان شاهداً على مأساة جديدة. غارة عنيفة استهدفت منزلاً، فرفعت الشهداء من تحت ركامه، وأبكت عيونًا لطالما تعودت على الألم. فرق الإسعاف ما زالت تحاول انتشال ما بقي من أرواح تحت الأنقاض، وسط ذهول وحسرة سكان الحي الذين لم يعد لديهم سوى الدعاء لسماء لا ترد الجواب.
في قلب غزة، دوى صوت انفجارات متتالية شمال النصيرات وسط القطاع، حيث تجمعت العائلات بحثاً عن ملاذ، ورفح جنوباً لم تكن بأفضل حال، فقد تحولت إلى ساحة من الأنقاض والشهداء الذين قضوا في لحظة لا تُنسى.
وتستمر المأساة حيث لم يكتفِ الاحتلال بمنازل الآمنين، بل وجه قذائفه نحو المستشفيات التي لجأ إليها المرضى والأطفال. مستشفيات كمال عدوان، والعودة، والإندونيسي كانت محطات ألم لا ينتهي، إذ سقطت القذائف على أقسام المبيت وحضّانات الأطفال، فيما أصيب طفل بجروح خطيرة وسط صرخات الأمهات وذهول الكادر الطبي الذي بات يقاتل لإنقاذ من تبقى بأبسط الإمكانيات.
في مستشفى الإندونيسي شمال القطاع، أثار قصف الطائرات المسيّرة الرعب في نفوس المرضى، فالجدران التي كانت مصدر أمانهم تحولت فجأة إلى مكان للخوف والدمار. مشاهد الذعر كانت تتكرر بين المرضى وفرق الإسعاف التي تجد نفسها عاجزة عن نقل الجرحى من مكان إلى آخر، وسط خطر يحيط بهم من كل زاوية.
وهكذا، تبقى غزة ونابلس ترويان قصصًا حزينة، قصصًا لا يصدقها إلا من عاش الألم وشاهد الأمل ينهار تحت ضربات القذائف. تبقى هناك أحياء تحت الرماد، ووجوه صغيرة لم تعرف الطفولة، وأرواح تختنق تحت ركام الصمت الدولي، بانتظار معجزة تنقذهم أو قلب يسمع صرخاتهم.
تعليقات
إرسال تعليق