ــ
ــــــــــــ ــــــــــــ
ــــ رئيس مجلس الادارة / الاعلامي : محمود رمضان <-> نائب رئيس الادارة / دكتورة : جهاد محمود
ــــــــــــ ــــــــــــ

القائمة الرئيسية

تعريف الموقع

أخر الاخبار

سلسله رسوخ العلاقات السودانيه المصريه عبر التاريخ

English French Spain Russian Japanese Chinese Simplified

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter










 

كتب - محمد الفاتح 


الجزء الثاني 


كان الإنجليز من ناحيتهم مُصرِّين على إعطاء السودانيين حق تقرير مصيرهم بأنفسهم، رغبة منهم في الحول دون الوحدة مع مصر، وكان هدف عبد الناصر ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة جلاء الإنجليز عن مصر والسودان .


 في نوفمبر/تشرين الثاني 1952م وافق عبد الناصر ورجاله، وأرسل مجلس قيادة الثورة إلى الإنجليز مذكرة تقترح "تمكين السودانيين من ممارسة الحكم الذاتي ، وتهيئة الجو الحر المحايد الذي لا بد من توافره "لتقرير المصير" .


 بدأت المفاوضات بقيادة محمد نجيب ومعاونة الصاغ أركان حرب صلاح سالم ومحمود فوزي وحسين ذو الفقار صبري أخو علي صبري مدير مكتب عبد الناصر ممثلين عن الجانب المصري وبين سير ستيفنسون ومستر باروز ممثلين عن الجانب البريطاني.


وقد كان حينها في المقابل رئيس مجلس قيادة الثورة اللواء محمد نجيب قد شرع باللقاء مع ممثلي الأحزاب السودانية المشتتة واستطاع توحيدهم بزعامة إسماعيل الأزهري أحد أكبر المتحمسين آنذاك للوحدة مع مصر، وتكلل الأمر في النهاية باتفاقية 1953م التي نصّت على فترة انتقال مدتها ثلاث سنوات تمهيدا لإنهاء الإدارة الثنائية " المصرية – البريطانية " وتصفيتها ، ويحتفظ في فترة الانتقال بسيادة السودان للسودانيين حتى يتم لهم تقرير المصير بالاستقلال أو الوحدة مع مصر.


يقول محمد نجيب في مذكراته : "كان علينا أن نجمع السودانيين بمختلف أحزابهم على موقف واحد يتعاونون فيه مع مصر، ودعوناهم فعلا من أجل ذلك ، ورحبت الأحزاب السودانية بالمبادرة المصرية ، بما في ذلك الأحزاب التي تدعو إلى الاستقلال وتغالي في هذه الدعوة ،

وعلى الرغم من اضطراب الموقف المصري فيما يتعلق بالسودان، خاصة بين السنهوري وحسين صبري وصلاح سالم أهم رجال هذا الملف ، فإن نجيب أصر على استقبال وفود الأحزاب السودانية وتقريب وجهات النظر بينها ، يقول : "وإذا كنتُ قد فشلت في توحيد وجهات النظر المصرية بالنسبة للسودان ، فقد نجحت مع السودانيين واستطعت توحيد الأحزاب السودانية لتتفق على رأي واحد… " وتابع ….

"في تاريخ 3 نوفمبر/تشرين الثاني (1952) وُضع ميثاق إعلان الحزب الموحد ، ووقع كل هؤلاء في بيتي على قيام الحزب الوطني الاتحادي الذي ضمّ كافة الأحزاب الاتحادية قبل بدء المباحثات المصرية الإنجليزية".


نجح محمد نجيب في توحيد السودانيين بهذه الطريقه ، وجعلهم يتحمسون للوحدة مع مصر تزامنا مع بداية الفترة الانتقالية المقدرة بثلاث سنوات (1953- 1956)، وهي الفترة التي شهدت فيها مصر صراعا على الحكم بين نجيب وعبد الناصر.

كان ملف السودان في هذه المرحلة قد أُعطي للصاغ صلاح سالم ، أحد الضباط الأحرار بهدف الحفاظ على تقريب السودانيين من مصر، والتوحيد معها في نهاية الفترة الانتقالية المقررة بنهاية سنة 1955 م ، والغريب أن هذا الملف الحسّاس والمصيري قد أُعطي لصلاح سالم بناء على أمرين:

الأول :  

أن صلاح سالم قد وُلد في السودان حين كان والده يعمل هنالك ضمن قوات الجيش المصري المرابط على البحر الأحمر، ظنا من أعضاء مجلس قيادة الثورة أن صلاح سالم مؤهل بسبب هذه النشأة والميلاد لحمل هذا الملف الحساس والمصيري بين البلدين.

والسبب الثاني  : 

الذي يمثل مثار الاستغراب، هو ما يذكره اللواء جمال حماد كاتب بيان انقلاب يوليو/تموز الذي تلاه أنور السادات في شهادته على العصر مع أحمد منصور حين سأله: "هل كان صلاح سالم مؤهلا لحمل ملف السودان؟"    ، ليرد: "صلاح سالم تولى ملف السودان  عن طريق المصادفة ، فقد كان صلاح سالم ضمن سكرتارية الرئيس محمد نجيب ، فاتصل به المقدم حسين ذو الفقار صبري المتولي رئاسة القوات المصرية في السودان بشأن مشكلة عساكر الحدود العائدين إلى السودان والمطالبين بحقوقهم المالية ، فأرسلها بدوره صلاح سالم إلى أعضاء مجلس قيادة الثورة ، ومن هنا كلما جاءت مشكلة من السودان فوّضه أعضاء مجلس قيادة الثورة لحلها". ليقاطعه المذيع: "دون أي خبرة أو معرفة أو أي شيء؟!                     " فيجيبه اللواء حماد: 

 "ولا أي حاجة أبدا، هو اتولد هناك صحيح ، لكن لا علاقة له بالسودان ولا يعرف شيء عن السودان خالص ، وبعدين هو بالذات رجل غير دبلوماسي ، يعني رجل عصبي رغم مزاياه الكثيرة مثل الذكاء والفهم، لكنه شديد الانفعال" .

كان صلاح سالم يجمع بين النقيضين فعلا، شخص ذكي لكن عصبي شديد الانفعال ، وشخص بمثل هذه الصفات ، مع جهله بطبيعة السودان وشعبه وثقافته ومراكز القوى فيه أضاف إليه بعض المكاسب أمام أطنان من الخسائر الفادحة !  

كانت بريطانيا بدورها طوال الفترة الانتقالية تعمل على تقزيم وتقسيم السودان بين شماله وجنوبه ، كما عملت على التفرقة وبث الشحناء بين مصر والسودان طوال سنوات الاحتلال، وكان هذا الأمر تحديا لصلاح سالم الذي قرر السفر إلى جنوب السودان ، كما تقرب من الأميركان الذين كان من مصلحتهم طرد الإنجليز من مصر والسودان ليحلوا محلهم في الهيمنة على الشرق الأوسط . يقول اليوزباشي محمد

 أبو نار مساعد صلاح سالم لشؤون السودان إن الأميركان "ساعدوا صلاح سالم في دخول جنوب السودان عن طريق اتصالات مستر كافري السفير الأميركي في القاهرة، ومستر سويني ضابط اتصال السفارة" .


يتبع …..

تعليقات