كتب محمد نجم
ثوان معدودة لسيدة تسير بمفردها وسط الجبال، تقاوم الحر والمسافة الكبيرة والطريق غير الممهد باتجاه جبل عرفات، لإتمام الركن الأعظم للحج، بيقين كامل أن طريقها ممهد نحو الله سبحانه.
تلك الثواني التى لم تكشف عن أي معلومات عن تلك الحاجة التي تسير بمفردها كانت كافية لحشد إعجاب الملايين من المسلمين حول العالم، حيث تم تداول مقطع الفيديو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ليتوحد الجميع بالدعاء بأن يتم الله عز وجل حجتها ويتقبل سعيها وكأنها تجسيد واضح لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة".
الثواني المعدوده التى هزت مشاعر المسلمين كانت بطلتها سيدة مصرية، أتت بكل عفويتها وطيبة قلبها من قرية تسمى "بهادة" وهي إحدى القرى التى تتبع محافظة القليوبية وتبعد مسافة غير قليلة عن العاصمة القاهرة.
السيدة التي تسير بمفردها نحو جبل عرفات
"ماجدة محمد موسى" هو اسمها وعمرها 63 عاما، لكن، من يهتم بالاسم أو العمر وقد أصبحت أيقونة للجهاد من أجل إتمام فريضة الحج.
مشقة الحر والطريق غير الممهد والطويل والقيود التى فرضتها المملكة السعودية لتنظيم الحج لم يقفوا حائلا أمامها، فقد أدارت ظهرها للدنيا وما بها واتجهت نحو الله عز وجل.
تقول الحاجة "ماجدة" وهى ما زالت تستكمل مناسك رحلة الحج بمكة المكرمه أنها كانت بصحبة ابنيها "مازن ومعتز" رفيقا رحلتها للحج، وبحسب تنظيم الرحلة ركبت هي في أتوبيس وهما في أتوبيس آخر، ومع شدة الازدحام وصعوبة حركة الأتوبيسات المتجهة نحو مشعر عرفات، توقف الآتوبيس بعد تحركه من منطقة العزيزية بنحو ٦٠٠ متر فقط.
اتخذت الحاجة "ماجدة" قرارها بالمضي سيرا على الأقدام، تقول "كان شعوري بالفرحة آكبر من كل شيء.. فها هى أمنيتي التى دعوت الله بها ليالى طويلة أقمت بها الليل وصمت يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع طوال الصيف والشتاء، تتحقق أخيرا".
لم تشعر أبدا بالحر أو مشقة الطريق أو ألم قدميها، حملت حقيبة بها تدوينها لعلاج مشاكل صحية بالعظام والأعصاب وحقيبة أخرى بها ملابس احتياطية، ومضت وقلبها قبل لسانها يرددان "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك" متخذة من التلبية والدعاء المستمر لولديها القوة لاستكمال الطريق.
لم تكن حياة الحاجة ماجدة، سهلة أو مرفهة فتقول إنها عانت كثيرا خاصة بعد وفاة زوجها عام ٢٠١٠، تاركا لها ٩ من الأبناء والبنات كافحت من أجل أن يشقوا حياتهم فوق أرض ثابتة وها هي تكافأ من الله عز وجل.
تكمل الحاجة ماجدة، حاليا مناسك الحج استعدادا للعودة إلى مصر خلال الأسبوع الحالى، وهي لا تتصور كيف أصبحت أيقونة للحج ولا يشغلها تفاعل الملايين مع مقطع الفيديو الخاص بها، فكل ما يشغلها هو فرحتها بالجائزة الكبرى.. رحلتها لحج بيت الله الحرام.
تعليقات
إرسال تعليق