كتب/ عمرو الذهبي
ابن المرة تعني ابن المرأة و المعنى المقصود بها أن الشخص ربته امرأة ويقال (ده تربية مرة) ، أو تعوله وهي اهانة مركبة ووصم في الثقافة السائدة لأنه يعني أنه الذكر الموصوم لم يعرف طبائع الرجال وأساليبهم ، وهو بذلك منقوص الرجولة وتحقير لأمه في ذات الوقت .
لم تكن المرة الأولى التى أستمع فيها إلى من يستخدم هذا التعبير باعتباره سبابا جارحا ، مع العلم بأن هذه الشتيمة لا وجود لها بأى بلد عربى ، حيث إن المرأة لديهم يقال لها (مرة) دون أن يكون للفظ أى وقع سيئ ، وذلك على العكس مما هو الحال فى مصر بعدما تحرفت كلمة امرأة لتصبح فى طبعتها الجديدة (مرة) كلمة نابية لا تستخدم إلا فى خناقات الحوارى .
فتأمل غرابة أن يشتم المرء بأن يقال له إن من أنجبته امرأة أليس من الطبيعى أننا جميعا قد خرجنا للعالم من رحم النساء ، فما الجديد فى أن يكون الشخص ابن امرأة ، ومن الذى ابتدع فكرة أن تذكير المرء بهذه الحقيقة الكونية يعد إهانة؟
الحقيقة أن المجتمعات كلها بشرقها وغربها لا يحلو لها أن تسب بعضها بعضا إلا بإدخال المرأة فى الموضوع وبالذات الأم ، فقد أبدع البعض وأدخلوا الأخت فى الموضوع علاوة على الأم ، ليجعلوا الإهانة أكثر إيلاما ، ولعل حساسية الناس فى بلادنا لشتائم من هذا النوع على نحو يفوق حساسية الغربيين لنفس الأمر ، تعود إلى أننا اختزلنا الشرف فى أعضاء النساء ولم نعد نر ما يجرح الرجولة والكبرياء أكثر من أن تمس إناث العائلة أو الحارة أو القبيلة..
الناس هنا على العكس من الناس فى بلاد الغرب ، لا ترى الكذب ماسا بالشرف ولا تنظر للرشوة على أنها جريمة ، وطبعا تتعامل مع التهرب من دفع الضرائب باعتباره قمة الفهلوة و الجدعنة ، وقد يقوم المرء هنا بالتهرب من التجنيد و بالشهادة الزور وأكل مال اليتيم دون أن تواجهه نظرات الاحتقار فى الشارع .
قال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) [الأحقاف: 15].
إرسال تعليق