د. شوقي الساخي
«يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»
أوتي القصد والاعتدال فلا يفحش ولا يتعدى الحدود وأوتي إدراك العلل والغايات فلا يضل في تقدير الأمور وأوتي البصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال وذلك خير كثير متنوع الألون
«وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ» فصاحب اللب - وهو العقل - هو الذي يتذكر فلا ينسى ، ويتنبه فلا يغفل ، ويعتبر فلا يلج في الضلال وهذه وظيفة العقل وظيفته أن يذكر موحيات الهدى ودلائله وأن ينتفع بها فلا يعيش لاهيا غافلا.
هذه الحكمة يؤتيها اللّه من يشاء من عباده ، فهي معقودة بمشيئة اللّه سبحانه.
هذه هي القاعدة الأساسية في التصور الإسلامي : ردّ كل شيء إلى المشيئة المطلقة المختارة
وفي الوقت ذاته يقرر القرآن حقيقة أخرى : أن من أراد الهداية وسعى لها سعيها وجاهد فيها فإن اللّه لا يحرمه منها ، بل يعينه عليها.
«وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» ليطمئن كل من يتجه إلى هدى اللّه أن مشيئة اللّه ستقسم له الهدى وتؤتيه الحكمة ، وتمنحه ذلك الخير الكثير.
وهناك حقيقة أخرى نلم بها قبل مغادرة هذه الوقفة عند قوله تعالى : «الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ، وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ ...»
إن أمام الإنسان طريقين اثنين لا ثالث لهما : طريق اللّه. وطريق الشيطان.
أن يستمع إلى وعد اللّه أو أن يستمع إلى وعد الشيطان. ومن لا يسير في طريق اللّه ويسمع وعده فهو سائر في طريق الشيطان ومتبع وعده.
ليس هنالك إلا منهج واحد هو الحق المنهج الذي شرعه اللّه وما عداه فهو للشيطان ومن الشيطان.
هذه الحقيقة يقررها القرآن الكريم ويكررها ويؤكدها بكل مؤكد. كي لا تبقى حجة لمن يريد أن ينحرف عن منهج اللّه ثم يدّعي الهدى والصواب في أي باب.
ليست هنالك شبهة ولا غشاوة اللّه أو الشيطان. منهج اللّه أو منهج الشيطان.
طريق اللّه أو طريق الشيطان ولمن شاءأن يختار.
«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»
لا شبهة ولا غبش ولا غشاوة وإنما هو الهدى أو الضلال. وهو الحق واحد لا يتعدد.
فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!
إرسال تعليق